مادة صحافيّة تُخطئ في تناوُل التوحّد .. و"أكيد" يقترح الممارسة الفضلى

مادة صحافيّة تُخطئ في تناوُل التوحّد .. و"أكيد" يقترح الممارسة الفضلى

  • 2019-08-31
  • 12

أكيد – رشا سلامة -

   نشرت صحيفة يوميّة مادة عن طفل يمرّ بحالة التوحّد، تحت عنوان "نجا من فكيّ كماشة التوحّد"، لتقع في بعض المخالفات المهنيّة من قبيل استخدام لغة تعبيرية ودرامية مفرطة، عدا عن بناء مادة كاملة على حالة واحدة وجعلها منسحبة على الحالات كلّها، عوضاً عن مقابلة عدد من المرضى وذويهم وأطبائهم وتقديم مادة متكاملة صحافيّاً، كما لم تتم مراعاة المحاذير الإعلاميّة في تناوُل حالة التوحّد، وهي المحاذير التي أشار إليها الإعلام الغربيّ أكثر من مرّة.

وقد استُخدِمت، في متن المادة، مجموعة من المتلازمات اللفظيّة التي تنطوي على محاذير في الاستخدام حين يصار للحديث عن التوحّد وغيره من حالات طبيّة، كمثل "رحلة معاناة ثقيلة" و "هل ستخلّصون طفلي من بين فكيّ كماشة التوحّد؟" و "هل فعلاً سينتصر طفلي ويهزم شبحاً يحاول خطفه وعزله عن العالم؟" و"معركة" و"الخصم شرس" و "طفلاً شارداً من معقل التوحّد" و"عنيد ولا ينطق بكلمة ومفرط بالحركة".

في ما يلي بعض ما استطلعه "أكيد" حول المحاذير الإعلاميّة في تناوُل حالة التوحّد، والأصول المهنيّة الواجب مراعاتها عند الكتابة حول هذا الشأن:

  • وازن في حديثك عن حالة التوحّد؛ إذ إنّ استخدام مصطلح "الحرب على التوحّد" أو "مكافحة التوحّد" قد يحمل انطباعات سلبيّة عن التوحّد، وفي الوقت ذاته لا تبسّط الأمر كثيراً في مادتك الصحافيّة. بوسعك أن تذكر الصعوبات اليوميّة، لكن كن حذراً في استخدام اللغة.

 

  • ركّز في مادتك الصحافيّة على وجود أمل، وقصص نجاحات، وبحوث علميّة موثوقة ستساعد من يمرّون بحالة التوحّد. وتذكّر أنّ مصطلحات من قبيل "بطيء" و"سطحي" لوصف سلوك قد يبدر عمّن يمرّ في حالة توحّد، قد يحمل انطباعاً سلبياً كذلك. عوضاً عن ذلك ركّز على الصعوبات التي يواجهون.

 

  • لا تستخدم مصطلح "لا يبدو كمن يعاني شيئاً" أو "لا يبدو كما لو كان مصاباً بالتوحّد"؛ ذلك أن هذا قد يشي كما لو أنّ حالة التوحّد تملك مظاهر غير اعتيادية، وأنّ المدح هنا هو أنّ الذي يمرّ بحالة التوحّد لا تبدو عليه هذه المظاهر، وهذا خاطئ في التعاطي مع الحالة صحافيّاً وإنسانيّاً.

 

  • لا تستخدم مصطلحيّ "مرض مزمن" و"عجز" لوصف حالة التوحّد. قد يكون لفظ "متلازمة" هو الأنسب، أو استخدم مصطلح التوحّد واترك شرحاً علميّاً عنه في الهامش.

 

  • لا تذهب في تفصيل درجة المتلازمة، من قبيل قول: "توحّد بسيط الدرجة وتوحّد حاد" أو "أداء ضعيف أو عالٍ للمصاب بالتوحّد"، بل استخدم مصطلحات مثل "حالة توحّد مع صعوبات تعلّم". ولا تستخدم مصطلح "غير قادر على التخاطب" في وصف من يمرّ بحالة التوحّد، واستعض عن ذلك بقول "بحدّ أدنى من القدرة على التخاطب".

 

  • لا تستخدم مصطلح "يعاني من التوحّد"، بل اجعل هذه اللفظة مرتبطة بتبعات الحالة وليس الحالة نفسها، كمثل قول: "يعاني من القلق جرّاء التوحّد".

 

  • تذكّر أنّ الشخص الذي يعيش التوحّد قد يأخذ الكلام دوماً على محمل حرفيّ. لذا، تحاشى في خطابك معه وعنه استخدام لغة مفرطة في مأساويّتها، وضروبها البديعيّة، أو نبرة الانتقاص، أو السخرية.

 

  • تذكّر حين تهمّ بمخاطبة شخص يمرّ في حالة التوحّد أن تكون واضح اللفظ، وأن تسأل أسئلة محدّدة وليست ذات نهايات مفتوحة، وكن حريصاً على التواصل وجهاً لوجه؛ إذ في العادة يكون هذا أفضل من التخاطب عبر الهاتف.

 

  • استخدم الوسائل الإيضاحيّة المعتمدة على الصور والألوان مثلاً؛ لتقريب المعلومة والسؤال.

 

تذكّر أنّ اتباع هذه الاقتراحات مهم؛ ذلك أنّ مادتك الصحافيّة قد تصل ليد من يمرّ في حالة توحّد، بالإضافة لكونك ستسهم في تشكيل صورة عنه وانطباع حوله ما ينعكس على تعامل الآخرين معه.