36.1% ارتفاع استهلاك المملكة من المحروقات العام الماضي رقم خاطيء

36.1% ارتفاع استهلاك المملكة من المحروقات العام الماضي رقم خاطيء

  • 2018-01-13
  • 12

أكيد - آية الخوالدة

نشرت صحيفة يومية ومواقع الكترونية تقريرا بعنوان "استهلاك المملكة من المحروقات يرتفع 36.1 %"، احتوى أرقاما خاطئة عن إرتفاع نسبة استهلاك المشتقات النفطية للعام 2017 وبالأخص مادتي الديزل والبنزين 95 مقارنة بالعام 2016.

وتأتي نسبة الزيادة المرتفعة التي أعلنت عنها الصحيفة على لسان رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات نهار السعيدات، في وقت يشكو فيه القطاع من انخفاض نسبة الاستهلاك، حيث أكد مدير عام شركة المناصير للزيوت والمحروقات ياسر المناصير في حوار مع وكالة الأنباء الأردنية بترا في أيلول من العام 2017 تراجع نسبة الاستهلاك، مفسرا ذلك بسبب "ثقافة استهلاك جديدة أو ترشيد استهلاك تشهدها المملكة فرضها ارتفاع أسعار المشتقات النفطية".

وتحقق مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" من دقة الأرقام الواردة في التقرير، ووجد فروقا كبيرة بينها وبين الأرقام التي حصل عليها من وزارة الطاقة والثروات المعدنية وتم تدقيقها من وزارة المالية، وبينت الأرقام نسبة الاستهلاك لكل من الأعوام 2016 -2017 خلال المدة "كانون الثاني - تشرين الثاني"، وذلك لأن نسبة الاستهلاك لشهر كانون الأول من العام 2017 لم تجهز حتى لحظة إعداد التقرير بسبب عدم ورود الأرقام الى الوزارة من الموردين.

oil info 2

 وأكدت الأرقام الرسمية أن مجموع استهلاك المشتقات النفطية للأشهر الأحد عشر من العام 2017 هو 3.837 مليار لتر، وبنسبة زيادة 0.03% عن نفس الفترة من العام 2016 الذي بلغت كمية الاستهلاك فيه 3.836 مليار لتر، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات نهار السعيدات لصحيفة محلية عن زيادة مقدارها 36.1% في العام 2017 الذي سجل استهلاكا بقيمة 5.52 مليار لتر مقارنة بالعام 2016 الذي بلغت قيمة الاستهلاك فيه 4.05 مليار لتر، وهذه قيمة بعيدة تماما الرقم الحقيقي.

كما أوضح السعيدات أن استهلاك الديزل في العام 2017 ارتفع بنسبة 70% ليصل الى 3.21 مليار لتر من أصل 1.88 مليار ليتر في العام 2016، بينما وفقا لأرقام وزارة الطاقة ارتفع في العام 2017 بنسبة 0.451% وبكمية استهلاك اجمالية وصلت الى 1.969 مليار لتر.

الأمر المستغرب في أرقام السعيدات المنشورة في التقرير ارتفاع استهلاك البنزين اوكتان 95، حيث ذكر أن الارتفاع جاء بنسبة 76% من خلال استهلاك 486 مليون لتر في العام 2017 مقارنة بالعام 2016 الذي سجل استهلاكا بقيمة 276 مليون لتر، وهو أمر غير صحيح حيث بينت أرقام وزارة الطاقة انخفاضا بنسبة 22% وذلك باستهلاك 182 مليون لتر في العام 2017 وفي العام 2016 كانت نسبة الاستهلاك 235 مليون لتر.

وزادت نسبة إستهلاك البنزين أوكتان 90 في العام 2017 بنسبة 3% عن نفس الفترة من العام 2016، حيث استهلكت المملكة في العام 2017، 1.591 مليار لتر مقارنة بالعام السابق الذي سجل 1.541 مليون لتر خلال 11 شهرا، على العكس من الذي تحدث به السعيدات الذي أشار الى تراجع بنسبة 2.7% بناء على استهلاك 1.71 مليار لتر في العام 2017 و1.75 في العام 2016.

oil info 1

وفي حديث مع "أكيد" قال مختص في المجال من أحدى الشركات التسويقية، رفض الكشف عن اسمه، أن الأرقام الواردة في التقرير المشار اليه ، "مغلوطة ولا تقارب الحقيقة، حيث أن استهلاك المشتقات النفطية لعام 2016 بلغ 4 مليارات و186 مليون لتر، فيما بلغ استهلاك المشتقات النفطية منذ مطلع عام 2017 ولغاية نهاية شهر تشرين الثاني 3 مليارات و837 مليون لتر.

 وبحسب تقديرات المختص، من المتوقع أن يكون الاستهلاك لشهر كانون الأول 345 مليون لتر، وبالتالي يصبح مجموع الاستهلاك خلال العام 2017، 4 مليارات و182 مليون لتر من محطات الوقود جميعها. وبالتالي تكون نسبة زيادة الاستهلاك في 2017 عن عام 2016 بسيطة جدا.

بدوره، بين المختص في قطاع المحروقات، فهد الفايز في حديثه مع "أكيد" أن "الأرقام غير واقعية، إذ أن ارتفاع استهلاك مادة الديزل بنسبة 70% تشير إلى أن الوضع الاقتصادي في الأردن ممتاز، حيث يبين الرقم السابق أن قطاع النقل في أفضل حالاته، ومعبر جابر والرويشد مفتوحان، كما أن القطاع الصناعي ممتاز ومعدل التصدير عال، وهو أمر غير صحيح، ومن المهم جدا لفت النظر إلى أن الطقس البارد أتى متأخرا هذا العام، حيث لم نكن بحاجة لاستهلاك الديزل في الأشهر 10 و11 و12 من العام 2017".

وأكد الفايز أن "هناك خللا في المعلومات خاصة وأن الشركات التسويقية الثلاث تشتكي من انخفاض  نسبة الاستهلاك". ويضيف "في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن الأردني، يفترض أن يزيد الطلب على استهلاك بنزين 90 وليس 95  في ظل وجود فرق كبير في أسعار كل منها، حيث يبلغ سعر لتر بنزين 90 "73" قرشا، فيما سعر لتر بنزين 95 "95" قرشا، وهو فارق كبير".

وأوضح الفايز أن "الارتفاعات بالعادة على الاستهلاك تكون بنسب قليلة منطقية، ونادرا ما تحدث ارتفاعات بنسب كبيرة".

بدوره عزا نقيب أصحاب محطات المحروقات نهار السعيدات في اتصال مع "أكيد"، أسباب زيادة استهلاك بنزين 95 إلى ارتفاع نسبة السيارات الحديثة في الأردن، والتي غالبا ما تعتمد على هذا النوع من البنزين، متابعا حديثه "قديما بلغ سعر لتر بنزين 95 دينار أردني، بينما أصبح الأن 95 قرشا، ولا يعتبر فارقا كبيرا عن سعر لتر بنزين 90، كما شهدت المحطات إقبالا كبيرا من المواطنين على خلط النوعين وبالتالي زادت نسبة استهلاكه".

وفيما يتعلق بارتفاع نسبة استهلاك الديزل، أوضح السعيدات أن الرقم "شمل كمية الديزل الموجودة في الخزانات لدى الشركات الثلاث والمنوي استهلاكها في 2018، ولا يتوافر لديه نسبة الاستهلاك من دون حساب الكمية المخزنة".

وفي هذا الصدد يشير مرصد "أكيد" إلى ضرورة توخي وسائل الاعلام الدقة والحذر فيما يتعلق بالأرقام، خاصة التي تقدم نسبا مئوية جديدة سواء بانخفاض او ارتفاع شديدين، حيث من الأجدر أن تدفع بمعد التقرير الى السؤال عن السبب ومحاولة تفسيرها للقارئ والتحقق من دقتها، ذلك ان معد التقرير يكون بالعادة مختصا بمتابعة القطاع.

 ويذّكر مرصد "أكيد" بأن من واجب الصحافيين الأساسي تقديم آخر المستجدات بالنسبة للأرقام والنسب وهو حق للمشاهدين والمستمعين والقراء يستدعي جهدا استثنائيا من الصحافيين لتقديمه بشكله الصحيح والدقيق والمفيد، حيث أن الأرقام والنسب ليست صماء، وهنا تقع الصحافة الاقتصادية في العالم العربي بشكلها الحالي في شرك تداول الأرقام بعيدا عن دلالاتها وأثارها في معيشة الجمهور. وسبق ل"أكيد" للمرصد أن نشر مادة تتحدث عن أفضل الممارسات فيث التعامل مع الأرقام "التعامل مع الأرقام".