انشغلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الثلاثة الماضية بقصة الطالبة العراقية، مريم البياتي، التي حازت المركز الأول على المملكة، في امتحان الثانوية العامة، وانتشر خبر مفاده أنه، بسبب كونها غير أردنية، فإنه لن يكون بإمكانها دراسة الطب في المملكة إلا من خلال "البرنامج الدولي" ذي الرسوم الباهظة. الأمر الذي اتضح بعدها عدم صحته، إذ تبيّن لاحقا، أن لدى الطالبة فرصتان لدراسة الطب في الأردن، أولهما حصولها على أحد المقاعد المخصصة لأبناء العاملين في الجامعة الهاشمية، حيث يعمل والدها مدرسا في كلية الهندسة. والفرصة الثانية، من خلال برنامج التبادل الثقافي بين حكومتي الأردن والعراق.
بتتبع التغطيات الإعلامية لهذه القصة، يتضح أن ما ساهم بانتشار ما اتّضح لاحقا أنه خبر غير صحيح، كان تغطية ناقصة المعلومات لصحيفة "السبيل"، التي نشرت تقريرا نُشر بعنوان عريض على صفحتها الأولى يقول"أولى التوجيهي محرومة من دراسة الطب".
وقالت الصحيفة في التقرير إن البياتي رغم تفوقها لن تستطيع تحقيق حلمها بدراسة الطب في الجامعة الأردنية، إذ يمنعها عدم تمتعها بالجنسية الأردنية من تقديم طلب للجامعة ضمن "التنافس". وأنها ستكون "مضطرة لتقديم طلبها للتنافس ضمن البرنامج الدولي وهو غير ممكن لارتفاع التكاليف المالية وعدم قدرة والدها على تأمين المبالغ اللازمة".
لم يشر التقرير نهائيا إلى أن لدى الطالبة، كما تقدّم، فرصتان لدراسة الطب، كي يفهم قارئ الخبر أن العقبات التي يتحدث عنها التقرير، تخصّ الدراسة في الجامعة الأردنية، التي ترغب الطالبة بالدراسة فيها تحديدا. وقد أدّى حذف هذه المعلومة، إضافة إلى عنوان التقرير المضلل، إلى أن الخبر فُهم منه أن الطالبة محرومة من دراسة الطب في المملكة على الإطلاق.
وقد تناقلت المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي هذا التقرير، بالعنوان نفسه، على نطاق واسع. وساهم أسلوب التعاطي مع الخبر، الذي واصل إغفال حقيقة أن لدى الطالبة فعلا فرصة لدراسة الطب، ساهم في تكريس فحواه الخاطئ، فكتب فهد الخيطان أنه "من المؤسف أن الطالبة البياتي لا تستطيع، بحكم جنسيتها غير الأردنية أن تنافس على مقعد في جامعة أردنية ضمن قوائم القبول الموحد". وتحت عنوان "ما أوسخنا نعيش مع أحقر قوانين العصر وأكثرها انحطاطا"، كتب حسين عليان يذكُر كيف "كان الطلبة الأردنيون يحظون بكل رعاية في الجامعات العراقية ودراسة مجانية"، في حين يطبق الأردن "قوانين عنصرية" لا تراعي "حقوق الجيرة والأخوة العربية".
القصة تحوّلت سريعا إلى قضية رأي عام، حتى أنه انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي حملات تضامن مع الطالبة، من بينها (كلنا مريم). وكان لافتا ما أثارته هذه القضية من تجاذب اجتماعي، عبّر عنها كمّ هائل من التعليقات التي تبادل أطرافها الإساءة، على خلفية لاجئ ومواطن، أردني وعراقي، سني وشيعي.
يتضح مما سبق أن تغطية هذه القصة خالفت أحد معايير التغطية المهنية وهي الشمولية، إذ لم يغطّ تقرير "السبيل" القصة بجوانبها المختلفة، وأغفل معلومات كانت أساسية لتمكين القارئ من فهم الحدث في سياقه الصحيح.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني