عمَّان 9 تشرين الثَّاني (أكيد)- يُحاول الإعلاميون المؤيدون لسياسة الاحتلال الإسرائيلي وعلى مدار عشرات السِّنين تزييف الوعي العام لدى جمهور المتلقين ونقل روايات مُضادة لما يحدث على أرض الواقع، أو بمعنى آخر محاولة تصوير مشاهد القتل بحق الفلسطينيّين والتَّهميش والتنكيل بهم على انَّه غير حقيقي، وأنه أقرب لمشاهد تمثيلية، وهو ما أطلِق عليه اسم "باليوود" PALLYWOOD.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، رصد خلال الحرب الدَّائرة بين إسرائيل وقطاع غزَّة، والتي بدأت يوم السَّابع من تشرين الأول الماضي، وأكملت حتى الآن 32 يومًا، رصد ظاهرة باليوود في وسائل إعلام عالمية ومشتركين على حسابات مواقع التَّواصل الاجتماعي. وتبيّن أنَّ عددًا من المراسلين تحدّث عن التّمثيل من قبل الفلسطينيّين لكسب الرَّأي العام العالمي ضدَّ الاحتلال الإسرائيلي.
وقبل أن نتدرّج في تتبع هذه الظَّاهرة، يبرز السؤال عن المقصود بمصطلح باليوود. فقد اتّضح من خلال عدد من المصادر والمراجع، أنَّ واضع هذا المفهوم هو أحد الأشخاص المؤيدين لسياسة إسرائيل، ويُدعى ريتشارد لانس من جامعة بوسطن الأمريكية[1]. ويُعرَّف هذا المصطلح بأنَّه مزيج من كلمتين، هما: فلسطيني وهوليوود، PALESTINIAN و HOLLYWOOD، حاول من خلاله واضع المصطلح تزييف الحقائق والواقع، وتغيير الرَّأي العام العالمي ضدَّ الرواية الفلسطينية.
أنتج ريتشارد برنامجًا وثائقيًا خاصًّا بقضية إطلاق النَّار من قبل الاحتلال الاسرائيلي على الطّفل محمد الدّرة واستشهاده، وأطلق عليه اسم: "باليوود: وفقاً للمصادر الفلسطينية"، يقول فيه إنَّ بعض المشاهد مثل حادثة مقتل محمد الدرة بعد إطلاق وابل من الرَّصاص عليه من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، كانت مجرّد تمثيل لتقليب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل.
في أحداث غزَّة، بلغ الوعي الإعلامي أشدَّه، واستطاع الإعلاميون الفلسطينيون في غزَّة من نقل مشاهد حيَّة ومباشرة إلى العالم، ونجحوا بإمكانات بسيطة من تصوير جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تقع على المدنيين في مناطق القطاع كافة، وهنا أصبحت وسائل إعلام عربية سببًا رئيسًا في تدمير وإبطال مفعول مصطلح باليوود، حيث فتحت وسائل إعلام عربية بثًا مباشرًا وعلى مدار السَّاعة، بل كان بعضها أكثر مهنية وتوازنًا بنقل كل الروايات ولجميع الأطراف بما فيها رواية الاحتلال الإسرائيلي حتى ولو كانت مليئة بالمعلومات المفبركة أو غير الدقيقة.
وتبنَّت وسائل إعلام عالمية مقاطع مصورة لفتاة مناصرة لإسرائيل تدَّعي فيها أنَّ الفلسطينيّات وقطع رؤوس أطفالهن هي من التمثيل. وتنثر الفتاة على وجهها موادّ للسخرية من التمثيل الذي ادّعت أن الفلسطينيين يمارسونه. وسقطت وسائل الإعلام التي نقلت هذا المقطع في براثن عدم التَّوازن والخداع وتزييف الرَّأي العام، وفي تسخيف الإنسانية، ومحاولة التّخفيف من حدَّة الجرائم التي يرتكبها جيش مدجّج بأحدث وسائل الدمار بحق مدنيّين وأطفال.
ورصد (اكيد) عدَّة منشورات تروّج المصطلح لدى مشتركي التَّواصل الاجتماعي وتزيّف الوعي[3][2]، لكنَّ هجومًا كبيرًا على أصحاب المنشور ظهر في تعليقات الجمهور عليه، وأرفق عدد منهم صورًا ومقاطع مصورة تبين الواقع والحقيقة التي تحدث في غزَّة وفلسطين بشكل عام.
يرى مرصد (أكيد) أنَّ حجم تأثير مصطلح باليوود كان سيكون أكبر لو أنَّ وسائل إعلام عربية كبيرة الإمكانات والموارد خفضت صوتها في أحداث غزَّة وغلافها، ولو أنّ المشتركين على منصَّات التَّواصل الاجتماعي لم ينشروا الواقع المرير الذي يحدث على أرض غزَّة. فقد كان هذا سببًا كافيًا لدحض هذا المصطلح، وإبطال أثره الإعلامي على الجمهور وحتى على الرَّأي العام العالمي، حيث كان لمعركة الإعلام والوعي العربية تأثير كبير على عدد المشاركين في المسيرات الغاضبة والمندِّدة بجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
كذلك تغيّرت مواقف كثير من الدول لصالح الفلسطينيّين رغم أنَّهم لم يوقفوا القتال، وفضحت هذه الدول كثيرًا آلية تطبيق القانون الدَّولي، وبدأت بالترويج لحملات مقاطعة واسعة، كل ذلك كان بسبب عدم الاستسلام للرواية التي تخفي الواقع وتُضلِّل الرَّأي العام، ومن بينها رواية باليوود.
وينصح (أكيد) جمهور المتلقين بعدم التسليم برواية واحدة من وسائل الإعلام، ومحاولة فهم طبيعة هذه الوسائل والمنهج الخفي الذي يروجون له، وكيف يستطيع الإنسان حماية نفسه من سائسي العقول وتزييف الواقع، وإخفاء الحقائق الذي تحاول هذه الوسائل عبثًا ترويجه.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني