عمّان 24 تشرين الثاني (أكيد)- عُلا القارصلي- أرقام المغادرين من إسرائيل تشير إلى احتمال تحوّل طوفان الأقصى إلى طوفان ديمغرافي في مجال الهجرة اليهودية المعاكسة، ما يشكل واحدًا من التحدّيات الحرجة التي ستواجه حكومة نتنياهو، لطالما اعتبر الكيان الإسرائيلي تدعيم الكتلة الديمغرافية وسيلة مهمة لضمان مستقبل آمن لدولة الاحتلال، فاحتلّ استقطاب اليهود من كل دول العالم والترويج لفكرة "الأرض الموعودة المقدسة"، مكانة مركزية في سياسات الدولة العبرية.
الهجرة المعاكسة لليهود، تُعدّ إشكالية رئيسة تواجه إسرائيل منذ سنوات، وتتفاقم طرديًا مع تراجع الأمن، واحتدام التناقضات المجتمعية التي يغذيها انعطاف الحياة السياسية الشديد نحو اليمين المتطرف. فإذا كان الكثير من الإسرائيليّين يفكّرون بأنهم يعيشون في بلد آمن، فقد باتوا يرون اليوم بأمّ أعينهم أنه لم يعودوا كذلك. وتمتد حالة عدم الأمان على مساحة كبيرة من الأراضي؛ من الناقورة على حدود لبنان شمالًا إلى غلاف غزة جنوبًا.
وفي دراسة له عن الهجرة اليهودية المعاكسة، أشار الباحث جورج كرزم إلى "أن مواجهة عسكرية طويلة الأمد تعني استنزافًا في البنية البشرية الصهيونية، فالمواجهة العسكرية تعني تعاظم الهجرة اليهودية المعاكسة، وبخاصة في أوساط أولئك الذين يملكون جوازات سفر أجنبية، ما يعني تفاقم عوامل الانهيار الداخلي لبنية إسرائيل".[1]
وانطلاقًا من أهمية مؤشر الهجرة المعاكسة لليهود، تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام المحلية والعربية لأعداد المهاجرين اليهود خارج إسرائيل.
وسائل إعلام عربية ومحلية نقلت أرقام الذين غادروا إسرائيل خلال فترة الحرب، وألمحت إلى أن هذه الأرقام لمهاجرين، مع العلم أن الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي لم يصدر أي رقم بشأن الهجرة من اسرائيل وإليها، لأنه لا يصنّف الذين غادروا البلاد مهاجرين قبل مرور عام على مغادرتهم.
ورغم أن عدد الذين غادروا إسرائيل خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الفائت هو 454 ألفًا، وهذا يساوي نصف العدد الذي غادر في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إلا أن المخاوف في إسرائيل تزداد من استمرار هذه الرّحلات نهائيًا فيما يسمى بالهجرة المعاكسة، لأن أغلب من غادروا في هذا العام كان لأسباب أمنية، أما في العام الماضي فكان سبب المغادرة هو قضاء عطلة ما يسمونه عيد العرش.[2]
مقال في صحيفة معاريف العبرية في العام 2022، أكّد أن أهم أسباب الهجرة المعاكسة هو الأوضاع الأمنية المتدهورة، خاصة انتفاضة 1987 التي استمرت حتى حرب الخليج العام 1991، حيث وصل عدد المغادرين العام 1990 إلى 14,200 شخص بنسبة ثلاثة أشخاص لكل ألف شخص من السّكان، وانتفاضة العام 2000 تسبّبت هي الأخرى بهجرة 19,400 شخص بنسبة ثلاثة أشخاص أيضًا لكل ألف شخص. هذه الأعداد، سجّلت انخفاضًا ملحوظًا خلال الفترة من العام 2013 حتى العام 2019 مع استقرار الوضع الأمني، حيث غادر إسرائيل فقط 6,260 شخص سنويًا بمعدل رصيد هجرة (بين المهاجرين والعائدين) 0.8 شخص لكل ألف شخص من السكان، ثم ارتفع عدد المهاجرين في عام كورونا إلى 10,779.[3]
وسائل إعلام عربية ومحلية تولّت نقل تقرير عن صحيفة عبرية (ذي ماركر) يشير إلى مغادرة 230 ألف إسرائيلي البلاد بسبب طوفان الأقصى، لكن لم تبذل هذه الوسائل أي جهد لتوضيح ظاهرة الهجرة المعاكسة، وكم من هؤلاء المغادرين يمكن أن يصبح مهاجرًا مقارنةً بأحداث أمنية سابقة. [4] [5] [6]
مرصد (أكيد)، يدعو وسائل الإعلام المحلية إلى متابعة ملف الهجرة المعاكسة لما له من دلالات على رؤية الإسرائيليين للحالة الأمنية وتأثيرها على خياراتهم المستقبلية، وكذلك لتقييم المدى الذي ستبقى فيه مفاعيل عملية طوفان الأقصى فاعلة في مجال هجرة الإسرائيليين النهائية للخارج.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني