التحدّيات الرقمية التي  تهدّد النسيج الوطني.... أين دور الإعلام؟

التحدّيات الرقمية التي تهدّد النسيج الوطني.... أين دور الإعلام؟

  • 2025-01-24
  • 12

عمَّان 22 كانون الثاني (أكيد)- سوسن أبو السُندس- "لن نسمح للمساس بالأمن الوطني أو الإساءة لمكونات المجتمع الأردني"، رسالة واضحة وصارمة من قبل الأجهزة الأمنية في مواجهة محاولات إثارة الفتن التي تتسلّل عبر الحسابات الوهمية والمحتوى المسيء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كُشف مؤخرًا عن حسابات أُنشئت خصيصًا لإثارة النعرات والإساءة لمكونات المجتمع الأردني، ولم يتوقف البيان عند هذا الحد بل تبعه دعوات لعدم الانجرار وراء تلك المحاولات.[1]

لا يمكن إغفال حالة الاستقطاب والجدل المتواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي باتت تهدد الثوابت الوطنية من خلال  شيطنة وتخوين الآخر في عدة مواقف أبرزها: موقف الأردن من الحرب على غزّة، قرار الأردن بشأن عدم فتح مجاله الجوي إبّان التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، الجدل حول تصدير المنتجات الزراعية إلى إسرائيل، فضلًا عن عبارات الشكر والثناء التي أثارت جدلًا في سياقات مختلفة، ولم تنتهِ النقاشات عند ذلك بل تصاعد التساؤل الذي طُرح عقب وقف إطلاق النار في غزّة: ما معنى النصر؟ وهل انتصرت غزّة، أم أن النصر يكمن في صمود الشعوب واستمرار الحياة؟

تلك القضايا تحوّلت إلى مادة تُستغلّ من قبل بعض الجهات لتأجيج الفتن وإثارة النعرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي،  إلى أن جاء بيان الأمن العام الأخير كتحذير صارم، يكشف عن ملاحقة الحسابات الوهمية والأفراد الذين يحاولون ضرب النسيج الوطني.

تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أصداء نشر البيان الصادر عن الأجهزة الأمنية، وخلص إلى أن وسائل الإعلام اكتفت بإعادة نقل التحذيرات، وكأن مسؤولية مواجهة هذه التحديات تقع على عاتق الأجهزة الأمنية فقط، في الوقت الذي يتعيّن أن يكون الإعلام شريكًا مهمًا في مواجهة التحديات من خلال الإسهام في بناء وعي مجتمعي يعزّز القيم الوطنية.

ومن المهم الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التحذير من الحسابات الوهمية، فمنذ أكثر من 10 سنوات ماضية، أطلقت الجهات الأمنية تحذيرات متعددة حول استغلال القضايا الوطنية والإقليمية لإثارة الفتن وتضليل جمهور المتلقين. [2]

بالرّغم من التحذيرات المستمرة، ما زال جمهور المتلقين عرضة لهذا النوع من الاستهداف، ما يكشف عن وجود فجوة واضحة في التوعية المجتمعية، وعلى ذلك فإن الإعلام مدعوّ لأن يُسهم في قيادة حملات تثقيفية شاملة تهدف إلى رفع وعي المواطنين بخطورة الحسابات الوهمية والانجرار خلف محتواها.

كما أن اختلاف الرأي في القضايا المتعلقة بالنسيج الوطني، ينبغي أن يتمّ بأسلوب حضاري يحترم وجهات النظر المختلفة ويعزز الحوار المسؤول، ويتعين على وسائل الإعلام أن يكون دورها فاعلًا في إدارة النقاشات بطريقة مهنية، من خلال توفير مساحات للنقاش البنّاء عبر منصات التواصل الاجتماعي مع مراقبة التعليقات لضمان الالتزام بمعايير الحوار المسؤول دون الإضرار بحرية التعبير عن الرأي، على نحو يعزّز الفهم المتبادل، ويُسهم في الكشف عن الحسابات التي تسعى لتوجيه النقاشات لأغراض غير مشروعة.

كذلك يمكن للإعلام أن يعمل على تشجيع المتلقين على الإسهام في مكافحة الحسابات الوهمية، من خلال التوعية بآليات الإبلاغ عن هذه الحسابات، وحثّ المتلقين على الامتناع عن التفاعل مع المحتوى المسيء، ناهيك عن واجب تسليط الضوء على جهود الأجهزة الأمنية ونجاحاتها في التصدّي لهذه التحديات، الأمر الذي يسهم في تعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات الوطنية.

يشير (أكيد) إلى أن الإعلام يعدّ شريكًا محوريًا في حماية الوحدة الوطنية وتعزيز الوعي المجتمعي، ولا يقتصر عمله على نقل البيانات الرسمية فحسب، بل ينبغي أن يسعى إلى بناء خطاب وطني يُحاصر الفتن الرقمية، ويحمي النسيج الاجتماعي من التهديدات من خلال إنتاج مواد صحفية توعوية.