غياب الإعلام في مراحل تغيّرات سياسية .. عدم الدّقة والتّضليل يطغى على الحقائق في ملفات الفقر والدين العام والبطالة

غياب الإعلام في مراحل تغيّرات سياسية .. عدم الدّقة والتّضليل يطغى على الحقائق في ملفات الفقر والدين العام والبطالة

  • 2024-09-23
  • 12

عمّان 20 أيلول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- خلال الأيام الماضية، شهد الأردن حراكًا سياسيًا ملحوظًا تناول الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة الجديدة. وتُمثّل هذه الفترة فضاءً واسعًا لتبادل الآراء والتعبير عن القناعات. وعلى ذلك، تزداد احتمالات تداول معلومات غير دقيقة أو مضلّلة، الأمر الذي يتطلب مستوى عالٍيُا من التدقيق في المعلومات المتاحة للجمهور.

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أكثر المواضيع تداولاً، فبرزت هنالك  قضايا رئيسة تتعلق تتعلق بمقدار كل من خط الفقر والدين العام، ونسبة البطالة. ولدى العودة إلى البيانات الرسمية، لُوحظ غياب المعلومة  المباشرة الواضحة، الأمر الذي يؤدي إلى تداول معلومات مغلوطة.

البيانات الاقتصادية في الصحافة:

تمثل البيانات الرسمية مصدرًا أساسيًا للمعلومات، لكنها تتطلب تحليلًا دقيقًا لضمان الفهم الصحيح لها، إذ إن الأرقام المُعلنة مهما كانت دقيقة، تحتاج إلى وضعها في سياقها الخاص ومقارنتها بالأداء السابق لاستخلاص الدلالات المطلوبة، ويتطلب ذلك مهارات خاصة في صحافة البيانات، حيث يُعد الصحفي المتخصص في هذا المجال قادرًا على تحليل البيانات وتقديمها بشكل يُسهّل فهمها واستيعابها.

قيمة خط الفقر:

تُحدد قيمة خط الفقر في الأردن استنادًا إلى مسوحات دورية تُجرى كل عدة سنوات بهدف مراقبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية. وأجرت دائرة الإحصاءات العامة آخر مسح خاص بدخل ونفقات الأسرة للفترة (2017-2018)، وكشفت النتائج آنذاك أن نسبة الفقر بين الأردنيّين بلغت 15بالمئة.

 وبحسب تقديرات صادرة عن تقرير "أطلس أهداف التنمية المستدامة للعام 2023″، وبالاستناد إلى معطيات خط الفقر الوطني، تمّ تحديد مبلغ قدره 7.9 دولار للفرد في اليوم، باعتباره قيمة خط الفقر. وعلى ذلك ، تُعدّ جميع الأرقام المتداولة والبعيدة عن هذا الرقم معلومات غير صحيحة ومضلّلة لجمهور المتلقين.

https://lh7-rt.googleusercontent.com/docsz/AD_4nXdPU5PkrEctk8GOxYxEIrFM8fA4tAs8YYCVMS2PBITZq8AbNuA0olxcER8Khvq-JgzvZTenVu4KNwbc73WD--9ZhmCeuC7IraiKB7_IwmQjaU4VXhShJYvjs_pkv3DuFqFKTKIIFUv5w-fj_nVu0g2wUsE?key=hyumwUDa0RMYErD8yQDavw

نسبة البطالة:

بعد استقالة الحكومة، انتشرت معلومات متباينة حول ارتفاع أو انخفاض نسبة البطالة في الأردن خلال فترة حكومة بشر الخصاونة. وبالرجوع إلى التقارير الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، يظهر أن نسبة البطالة عند استلام الخصاونة في الربع الرابع من العام 2020 كانت 24.7 بالمئة. وعند مقارنة هذه النسبة بآخر البيانات الصادرة للعام 2024 (الربع الثاني)، نجد أن نسبة البطالة انخفضت إلى 21.4 بالمئة، وهو ما يعكس انخفاضًا قدره 3.3 نقطة مئوية خلال فترة الحكومة. وبناءً على هذه الأرقام الرسمية، تُعد أي معلومات تتعارض مع هذه البيانات غير صحيحة، سواء كانت بالزيادة أو بالنقصان.

 

 

 

حجم الدين العام:

شهدت الآونة الأخيرة تداولًا واسعًا لمعلومات غير دقيقة حول حجم الدين العام. ولتجنب التّضليل في تلك المعلومات من الضروري فهم الصورة الاقتصادية الكاملة عند تحليل الدين في فترة زمنية محددة، وكذلك معرفة أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، تعكس الأثر التراكمي للديون. ويتطلب هذا التحليل نظرة شاملة، تتجاوز الأرقام الظاهرية، مع مراعاة التفاوت في الأداء المالي والسياسات الاقتصادية المتبعة في الفترة المعنية في البحث.

ولمعرفة حجم الدين العام خلال فترة حكومة الخصاونة، يمكن الرجوع إلى البيانات المالية الرسمية الصادرة عن وزارة المالية والبنك المركزي. ووفقًا لهذه البيانات، وبعد حساب صافي الدّين الحكومي، باستثناء ما يحمله صندوق استثمار أموال الضمان والودائع الحكومية، ارتفع صافي الدين العام من حوالي 25 مليار دينار عند استلام الحكومة في عام 2020 إلى 31.9 مليار دينار بحلول تموز 2024. وتعكس هذه الأرقام الزيادة التي طرأت خلال فترة حكومة الخصاونة، والتي بلغت حوالي 6.9 مليار دينار.[1]

غياب دور الإعلام:

لاحظ (أكيد) أن المعلومات المغلوطة شهدت انتشارًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي المناظرات السياسية، دون تدقيق أو توثيق، ولم يُرصد أي حضور إعلامي لتصحيح هذه المعلومات أو تقديم التحليل المطلوب في فترات كهذه، في حين ينبغي أن يلعب الإعلام دورًا محوريًا في توجيه الرأي العام نحو الحقائق، خاصة في ظل التحولات السياسية والاقتصادية. ويتمثل هذا الدور في الآتي:

  • التّحقّق من المعلومات بشكل دقيق قبل نشرها، مع الاعتماد على المصادر الرسمية والموثوقة لضمان المصداقية.
  • تقديم تحليلات معمقة للبيانات الاقتصادية والاجتماعية، لتوضيح الأرقام والحقائق أمام الجمهور بأسلوب مفهوم وشامل.
  • التّصدي للتضليل من خلال نشر تقارير موضوعية تهدف إلى تصحيح المعلومات المغلوطة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصّات السياسية.
  • مراقبة التّصريحات السياسية والمناظرات بعين ناقدة، وتحليلها بطريقة مهنية لتقديم صورة واضحة للجمهور.
  • تعزيز دور صحافة البيانات في تفسير الأرقام والمعلومات، بما يساعد على توجيه النقاش العام بعيدًا عن المعلومات الخاطئة.