عمّان 22 تمّوز (أكيد)- شرين الصّغير- نشرت عدّة وسائل إعلام محلية وعربية خبرًا يتحدث عن تفاصيل جريمة قتل وقعت مطلع هذا الأسبوع حين أقدم شخص على قتل اثنين من أشقّائه وأصاب ثالثًا، قبل أن ينتحر بإلقاء نفسه من أعلى جسر عبدون. الأخبار لم تكتف بالإشارة إلى أن الجاني وافد من دولة عربية، بل تبرّعت بذكر جنسيته؛ لا بل ذكر بعضها الجنسية في متن الخبر، وذكرها بعضها الآخر في العنوان، ويعدّ هذا الأخير أكثر سوءًا.
لماذا ندعو في الحالة التي نحن بصددها إلى عدم ذكر جنسية الجاني؟ باختصار، لأن هذا لا يقدّم شيئًا مهمًا للخبر. لا شك أن الجريمة التي اقتُرفت جريمة أسرية مروّعة، وربما تجد تفسيرها في المعلومات التي قالت إن الجاني يتعاطى المخدّرات، مع أن هذه المعلومات ذكرت أيضًا أن العائلة تتمتع في منطقة سكنها بسمعة طيبة ومحترمة.
لكن ما هو مهم بالنسبة للأردن، هو أن يعرف الأردنيون أن الجريمة لم يقترفها أردني، كي لا يدخلوها في حساب المناقشات من منظور السياسة الداخلية أو من منظور علم الاجتماع المحلي. وبالتالي، فإن الإشارة إلى أن الجاني من جنسية عربية كافٍ، لأنه يقلّص الميل عند عديد من الناس للربط بين الجريمة وبين جنسية الجاني.
وتكمن خطورة الربط بين الجريمة والجنسية في تغذية خطاب الكراهية ضد هذه الجنسية التي تحملها فئة من الناس، ويقود هذا إلى نوع من التنميط. لا شك أن ورود جنسية الجاني في بيان الأمن العام يشجع وسائل الإعلام على تناقلها في أخبارها، لكن الأمن العام جهة مرجعية في توثيق الجريمة، لأنه هو مصدر المعلومات الكاملة والإحصاءات حول الجريمة. ومع ذلك، فالأمن العام ليس ملزمًا بتقديم هذه المعلومات، والأفضل أن لا يقدمها، ولكن حتى إذا قدمها، فالإعلام مسؤول عمّا ينشره، وبالتالي على وسائل الإعلام أن تنظر للأمر من زاوية مختلفة تتعلق بجدوى النشر وبالمعايير المهنية والأخلاقية التي يتعين ان تلتزم بها من منطلق رسالتها الوطنية والاجتماعية.
هناك بُعد آخر يتعين الوقوف أمامه، وهو أن بعض وسائل الإعلام نشرت تفاصيل الجريمة بما تحمله من عنف وبشاعة المشهد بدقة متناهية، وهذا ما ينهى عنه ميثاق الشرف الصحفي، وذلك لأنه من الممكن أن يسوِّل وصف الجريمة الدقيق لأصحاب النفوس الضعيفة تقليد المشهد.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني