إصلاح المجتمع الافتراضي.. هل هي ظاهرة قيد التشكل؟
خلال زمن قياسي، لم يتعدّ يومين أو ثلاثة، حظيت صفحة "كن مثل بلال" على "فيسبوك" بمتابعات غزيرة، إلى درجة أن صفحة أخرى، تحمل الاسم ذاته أُنشئت بعد حوالي 30 ساعة من الأولى، طالها نصيب وافر، فبينما نالت الأولى، حتى كتابة هذا التقرير، حوالي 190 ألف متابع، فقد نالت الثانية حوالي 75 ألف متابع.
منشورات صفحة "كن مثل بلال" بسيطة ومختصرة، فهي عبارة عن رسم بسيط، كتلك الرسوم التي يبتدئ بها الأطفال تعلّم رسم الأشخاص، مرفقة بتعليق عبارة عن وصف لسلوك معين يقوم به بلال، ويختم بنصيحة: "كن مثل بلال".
بالتزامن مع بدء "بلال" نصائحه، كان زميل له اسمه "جعفر" يطلق صفحة مماثلة، عنوانها "كون مثل جعفر" ، ومثله مثل "بلال" فقد وجد "جعفر" من يستخدم اسمه في صفحة شبيهة.
الفرق الجوهري بين "بلال" وجعفر" أن الأخير أفصح عن اسمه الحقيقي، وهو علي حمود، لبناني من مدينة النبطية، وقد أجريت معه مقابلات تلفزيونية، أما "بلال" الأردني فقد كشف عن الجزء المتعلق بجنسيته من خلال بعض المنشورات.
لكن نشطاء “فيسبوك” سرعان ما بحثوا عن أصل الفكرة الجذابة، وتوصلوا إلى "بيل"الأميركي، الذي أنشأ صفحة على "فيسبوك"، بعنوان:
بدأ يوم 7 كانون الثاني (يناير) الحالي، وعليها حاليا (عند كتابة هذا التقرير) حوالي ثلاثة أرباع مليون متابع.
الملاحظ أن كثيرا من منشورات "بلال"، بخاصة في الساعات الأولى، جاءت مترجمة حرفيا عن منشورات زميله الأمريكي "بيل" بالإنجليزية، ولكنه مع مرور الساعات، أخذ يعرّب أو "يؤردن" منشوراته. لكن الملاحظة الأكثر أهمية هي أن الرسم (رسم شخصية بلال وجعفر وبيل) هو ذاته أي أنه نقل عن الموقع الأجنبي، من دون أن يثير ذلك أي إشكال، وهو ما يشير إلى واحدة من سمات المجتمع الافتراضي العابرة للثقافات.
الصحافة وبعض المواقع تابعت الظاهرة الجديدة، وكتبت عنها، فيومية "الغد" نشرت تقريرا بعنوان: "كن مثل بلال": حملة نصائح تقسم “فيسبوك” يين بين معجب وساخر"، تتبع الفكرة ونقل عن مختصين رأيهم فيها. كما نشرت يومية "السبيل" تقريرا منقولا عن موقع "العربي الجديد" عن القصة.
موقعا خبرني و زاد الأردن نشرا متابعتين تتعلقان بـ"بلال"، أما موقع نيسان نيوز فقد هاجم الفكرة وشكك في دوافعها، وختم بعبارة: "هناك شيئ مريب حول بلال".
أما موقع رؤيا فقد أشار إلى مقابلة أجراها تلفزيون رؤيا مع الناطق الرسمي الوزير محمد المومني، الذي تساءل: من هو بلال؟ ولكنه رحب به كناقد للسلبيات.
كثير من متابعي "فيسبوك" بادروا إلى كتابة تعليقات خاصة بهم على لسان "بلال"، كما فعلت الشيء ذاته صفحات تابعة لشركات مثل "امنية" و"الملكية الأردنية".
الظاهرة لم تكتمل بعد، وقد اقتصرت لغاية الآن على نقد مسلكيات على “فيسبوك”، ثم انتقلت جزئيا لظواهر اجتماعية عامة. غير أنه ليس هناك ما يمنع من لفت الانتباه إلى ظاهرة نقد أو نقاش ممارسات “فيسبوك”، ونقلها من حيز تبادل الأفكار بين أصحاب الحسابات الشخصية إلى إنشاء صفحات متخصصة. ومن المرجح أن نجاح الفكرة يعود إلى أنها عبرت عما يتداوله أعضاء مجتمع "فيسبوك" فيما بينهم على المستويات الفردية.
منذ البداية، قيل إن مجتمع “فيسبوك” افتراضي، ويبدو أنه بدأ ينتج ظاهرة المصلح الافتراضي، وكما هي العادة في تجارب الإصلاح الواقعية، فقد ظهر منافسون ومحبطون ومقلدون.. افتراضيون هذه المرة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني