التغطية الإعلامية لعودة اللاجئين السوريين... وسائل الإعلام تركز على نصف الحقيقة وتغفل عن التحديات الاقتصادية

التغطية الإعلامية لعودة اللاجئين السوريين... وسائل الإعلام تركز على نصف الحقيقة وتغفل عن التحديات الاقتصادية

  • 2024-12-25
  • 12

عمّان 23 كانون الأول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس-منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، احتضن الأردن أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري، ومع تطورات الساحة السورية الأخيرة، وسقوط نظام بشار الأسد، برزت موجة من العودة الطوعية للاجئين، حيث سجل معبر جابر الحدودي عبور 12,800 لاجىء.[1]

في هذا السياق، أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كمّيًا ونوعيًا للتغطية الإعلامية المصاحبة لعودة اللاجئين السوربّين، بهدف الوقوف على توزيع الموضوعات وأنماط العرض الإعلامي وتحليل التوجهات الإعلامية، إضافة إلى رصد المخالفات المهنية والأخلاقية، من خلال عينة قصدية احتوت على 24 مادة إعلامية محلية وخارجية، نُشرت خلال الفترة من 8 - 13 كانون الأول.

الاتجاهات الإعلامية في تغطية عودة اللاجئين السوريين:

أظهرت نتائج التحليل أن التغطيات الإعلامية توزعت بين ثلاثة اتجاهات رئيسة وهي: الإيجابية، السلبية، والمحايدة، حيث طغى الاتجاه الإيجابي على التغطيات الإعلامية بنسبة 60 بالمئة من العينة، وركّز على إبراز دور الأردن في تسهيل العودة الطوعية للاجئين واحترام إرادتهم، مع تسليط الضوء على التصريحات الرسمية الصادرة عن المسؤولين الأردنيين، مثل وزير الداخلية مازن الفراية ووزير الخارجية أيمن الصفدي، اللذين أكدا أهمية أن تكون العودة طوعية وآمنة، إضافة إلى نقل قصص لبعض اللاجئين الذين قرّروا العودة رغم التحديات. وعلى ذلك فإن بروز التغطيات الإيجابية في التغطيات الإعلامية بهذا القدر يؤثر على إظهار التحديات الواقعية المرتبطة بعودة اللاجئين.

أما الاتجاه السلبي، فقد شكّل 20 بالمئة من العينة، وركز على إبراز التحديات والصعوبات التي تواجه اللاجئين في سوريا، مثل ضعف البنية التحتية، وغياب الخدمات الأساسية، واستمرار المخاوف الأمنية. واستُعرضت شهادات مباشرة للاجئين أعربوا فيها عن تردّدهم في العودة في ظل الظروف الراهنة.

التغطيات المحايدة مثلت هي الأخرى 20 بالمئة من العينة، وسعت إلى تقديم معالجة متوازنة، جمعت بين تسليط الضوء على الجهود الأردنية الإيجابية من جهة، وتناول التحديات التي تواجه اللاجئين في مناطق عودتهم من جهة أخرى.

الموضوعات الأكثر تناولًا في التغطيات الإعلامية:

أما فيما يتعلق بالقضايا التي ركزت عليها التغطيات الإعلامية، فقد برزت ظروف العودة كأكثر الموضوعات تناولًا، حيث شكلت نحو 20 بالمئة من العينة، مع التركيز على التحديات الأمنية والخدمية التي تنتظر اللاجئين عند عودتهم، كما تناولت 10 بالمئة من التغطيات الضغوطات الاقتصادية التي تواجه الأردن، بما في ذلك تأثير اللاجئين على سوق العمل والاكتظاظ الطلابي.

موضوع مصير الطلبة السوريّين في المدارس الأردنية حاز على نسبة مماثلة هي 10 بالمئة، حيث ناقشت التغطيات الصعوبات التي قد يواجهها الطلبة سواء في الأردن أو عند عودتهم إلى سوريا. وفي السياق ذاته، استحوذت تصريحات المسؤولين الأردنيين على النصيب الأكبر من التغطيات بنسبة 60 بالمئة.

أساليب العرض في التغطيات الإعلامية:

انعكس تنوع الموضوعات على أساليب العرض المستخدمة في التغطيات الإعلامية، حيث برزت الأخبار المباشرة كأكثر الأساليب شيوعًا بنسبة 30 بالمئة، معتمدة على نقل التصريحات الرسمية والأرقام دون تعمّق. وجاء التحليل السياسي في المرتبة الثانية بنسبة 25 بالمئة، مسلطًا الضوء على الأبعاد السياسية لعودة اللاجئين.

أما التقارير الميدانية، فقد شكلت 20 بالمئة من التغطيات، وركزت على شهادات مباشرة من اللاجئين العائدين، بينما قدمت التقارير الإنسانية والمعمّقة معالجة شاملة للجوانب الاجتماعية والإنسانية للقضية وشكلت 25 بالمئة من المواد الإعلامية.

 

 

المخالفات والفجوات في التغطية الإعلامية:

رغم تنوع الأساليب الإعلامية في تغطية قضية عودة اللاجئين السوريّين، إلا أن المخالفات المهنية والأخلاقية كانت حاضرة بشكل ملحوظ، وتمثلت في انتهاك الخصوصية عبر نشر صور وأسماء للاجئين دون موافقتهم، والاعتماد المفرط على المصادر الرسمية في 60 بالمئة من التغطيات، ما أدى إلى غياب التنوّع في وجهات النظر وتقديم صورة أحادية للحدث. إلى جانب ذلك، شابت بعض التغطيات لغة عاطفية مبالغ فيها، ما أثّر على الموضوعية، بينما غابت أصوات النساء والأطفال عن 80 بالمئة من التغطيات، رغم دورهم المحوري في هذه القضية. كما برز غياب شبه كامل للتحليل الاقتصادي، حيث لم يتم تناوله في 90 بالمئة من المواد، ما أضعف فهم أبعاد القضية.

يرى (أكيد) أن هذه الفجوات أضرت بالمصداقية الإعلامية، وأسهمت في تقديم صورة غير متوازنة وغير شاملة للقضية، فقد أدى تجاهل الجوانب الاقتصادية إلى الحد من قدرة التغطيات على تقديم فهم معمق للعودة الطوعية وأثرها على اللاجئين والدولة المضيفة، كما حد ذلك من  قدرة الإعلام في التأثير على صنع السياسات ذات الصلة، وأدى ذلك إلى إغفال احتياجات اللاجئين وأولوياتهم، لذلك لا بد من تبني منهجيات إعلامية شمولية تعكس التنوع في وجهات النظر، وتحترم الخصوصيات، وتعالج الجوانب الإنسانية والاقتصادية والسياسية بشكل متوازن ودقيق.