عمَّان 5 تشرين الثاني (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- مع تزايد الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي لإبراز القصص الإنسانية المؤلمة التي يعاني منها الشعب السوداني جراء النزاع الدائر منذ نيسان 2023، بات من الواضح أن هناك شعورًا بين النشطاء يشير إلى غياب التغطية الإعلامية عن مأساة المدنيين السودانيّين المتضرّرين وسط تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد القتال.
استنادًا إلى هذه الفرضية، أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كميًا ونوعيًا للتغطية الإعلامية المحلية للأزمة السودانية، حيث حلّل نحو ثلاثين مادة صحفية من عينة قصدية متنوعة من وسائل الإعلام المحلية، وذلك خلال الفترة الممتدة من الأول من أيار وحتى 31 تشرين الأول 2024، بهدف الوقوف على مدى استجابة الإعلام المحلي لدعوات نقل المعاناة الإنسانية وتقييم مدى التزامه بمعايير الصحافة البنّاءة.
النتائج جاءت لتكشف عن وجود قصور في التغطية، حيث اعتمدت وسائل الإعلام المحلية بشكل كبير على الأخبار العاجلة والتصريحات الصادرة عن الجهات الحكومية والدولية، دون التعمّق في الأبعاد الإنسانية للأزمة، وكذلك دون تقديم رؤية توضح دور الأردن الإنساني والسياسي.
لقد لوحظ غياب التحليل العميق للأزمة والبحث في خلفيات النزاع السياسية والاجتماعية. كما غاب عن التغطية رأي الخبراء والمحلّلين السياسيّين لمناقشة تأثير النزاع على المجتمع السوداني والمنطقة. بهذا، استمرّت التغطية في التركيز بدرجة رئيسة على الأبعاد السياسية، ولم تمنح مساحة كافية لتسليط الضوء على المآسي الإنسانية، والنزوح الجماعي، وانهيار الخدمات الأساسية.
ورغم التحديث المستمر الذي قامت به بعض وسائل الإعلام لمواكبة الأحداث الكبيرة المتعلقة بالأزمة السودانية، مثل تغطية حادثة انهيار سد أربعات، وانعقاد جلسات مجلس الأمن، إلا أن التغطية الإعلامية افتقدت للمتابعة الدورية لتطور الأوضاع الإنسانية، ما يحدّ من نقل الصورة الكاملة للأزمة الإنسانية، ويقلل من مستوى وعي الجمهور لحجم المعاناة التي يعيشها المدنيّون.
على صعيد آخر، غابت عن التغطية الإعلامية التقارير الميدانية من داخل السودان، ويعود ذلك إلى المخاطر الأمنية التي تواجه الصحفيّين في مناطق النزاع، لكنه يتطلب مع ذلك البحث عن بدائل مثل الاستعانة بشهادات مواطنين ومتضرّرين أو عاملين في المجال الإنساني.
ووفقًا لتقارير (أكيد) السابقة، كشفت التغطية الإعلامية المحلية للأزمات في غزّة ولبنان والسودان عن تفاوت ملحوظ في مستوى الاهتمام الإعلامي، فقد حظيت أحداث غزة التي تعيش حرب إبادة جماعية بتغطية موسعة ركزت على تفاصيل المعاناة الإنسانية والدمار المتواصل، بينما أظهرت التغطية للأزمة اللبنانية توازنًا بين البعدين الإنساني والسياسي، وابرزت دور الأردن في دعم الشعب اللبناني، من خلال المساعدات الإنسانية والجهود الدبلوماسية. أما الأزمة السودانية، فاقتصرت التغطية في أغلبها على التصريحات الرسمية والأخبار العاجلة دون تناول كافٍ للأبعاد الإنسانية.
يشير (أكيد) إلى أهمية تطوير التغطية الإعلامية لتكون أكثر شمولًا، بحيث تشمل قصصًا إنسانية وتحليلات معمقة تسهم في سد الفجوة المعلوماتية حول معاناة الشعب السوداني، وتوضح في الوقت ذاته جهود الأردن في هذا السياق.
ويعد التركيز على الجهود الإنسانية الأردنية والدولية لدعم السودان حاجة إعلامية، لإبراز جهود الإغاثة اللّوجستية والطبية، وهذا من شانه تعزيز صورة الأردن دوليًا، وتحفيز المجتمع نحو تقديم المزيد من الدعم والتبرعات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني